علامَ يدلُّ استيقاظ المسلم على سماع صوت أو ترديد كلام بعد الرؤيا مُباشرة؟ وهل لذلك علاقة بالرؤى وتفسيرها؟

الفرق بين هذا السؤال والسؤال السابق هو أنَّ الأخير يشير إلى أصوات، وكلمات، وحالات إمَّا أن تمتزج فيها الرؤيا باليقظة أو تترتَّب على الرؤيا، بينما في هذا السؤال إشارة إلى أصوات يسمعها النائم أو كلمات يقولها قد تعقب الاستيقاظ من الرؤيا مباشرة، ولا تمتزج بها، ولا تكون جُزءًا منها، بل قد يحدث ذلك للمسلم أحيانًا دون أن يكون قد رأى رؤيا أصلًا.
ومن أمثلة ذلك: أن يرى المسلم أنـَّه استيقظ على صوت آية من آيات القرآن الكريم، أو على أذان الفجر، أو على حديث يتحدَّث به بعض الناس، أو ما شابه ذلك. وهذه الأشياء إذا جاءت بعد الاستيقاظ المباشر من الرؤيا، فقد يكون الهدف منها الإعانة على تفسيرها.
ومن أمثلة هذا النوع من الرؤى: ما رآه في المنام مسلم من أصحاب البلاءت نحسبه من الصالحين. فقد كان لهذا الرجل زوجة، ثم تدهورت أحوال هذا الزوج اقتصاديًّا واجتماعيًّا، فتركته زوجته رغم صلاحه، وعادت إلى زوجها الأوَّل لأوضاعه الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة الجيِّدة رغم ارتكابه أعمال الكفر، والفسوق، والعصيان (عياذًا بالله تعالى)، ثم انقطع كلُّ اتصال بينها وبين هذا الرجل الصالح.
وفي ذات ليلة نام هذا الرجل فرأى كأنـَّه في مكان، وكأنَّ امرأة من قريباته دخلت عليه فجأة، ثم استيقظ من الرؤيا على سماع آية كريمة تخرج من مذياع مفتوح بجوار سريره، وهي قول الله (تعالى): ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا﴾ (النساء:139). فاستيقظ محتارًا فيمن يمكن أن ترمز إليها هذه المرأة التي رآها في منامه. ولكن عندما تذكَّر أنه استيقظ على هذه الآية الكريمة رجَّح بقوة أنَّ المقصود بهذه المرأة هي طليقته، وذلك لأنَّ الآية الكريمة تتحدَّث عن ناس يتركون المؤمنون – لصعوبة أحوالهم طبعًا – ويذهبون للكافرين يطلبون عندهم العزَّة، وهذا ما فعلته معه زوجته عندما عادت لزوجها الأوَّل. فكانت هذه الآية الكريمة معينة له على تفسير هذه الرؤيا. ومن الملاحظ أيضًا أنَّ الآية الكريمة تقع في سورة النساء، وهذا يقوِّي استدلال هذا الرجل بخصوص التفسير الذي وصل إليه في هذه الرؤيا بالاستعانة بهذه الآية الكريمة، فكأنَّ المقصود هنا هو لفت نظره إلى أنَّ المقصود بالآية الكريمة التي استيقظ عليها هي المرأة التي رآها في رؤياه.
وأحيانًا يستيقظ الرائي وهو يردِّد آيات من القرآن الكريم أو يتكلَّم بكلام معيَّن دون أن يسبق ذلك أيـَّة رؤيا. ففي هذه الحالة، يُنظر في معنى الكلام، فإن كان خيرًا، فهو خير له بحسب ما قال، وإن كان غير ذلك، فليستعذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ولن يضرُّه هذا الكلام بإذن الله (تعالى).
ومن أشهر ما يستيقظ الكثير من المسلمين عليه بعد الرؤيا هو أذان الفجر، وقد يدلُّ الاستيقاظ عليه على أمور تعين على تفسير الرؤيا منها أنَّ الرؤيا تتعلَّق بأمر من أمور الإسلام، ونصرته، والدعوة إليه، وانتصار الحقِّ على الباطل، وغلبة الخير على الشرِّ، أو ظهور الخير، وانحسار الشرِّ، أو بداية جديدة لعهد جديد في حياة الرائي تتغيَّر معه الأحوال؛ لأنَّ الأذان يحمل كلَّ هذه المعاني.
ومن الجدير بالذكر هنا أنَّ المسلم قد يستيقظ بعد الرؤيا على عديد من الأشياء، فيكون لها دلالة في تفسيرها كالاستيقاظ على نداء أمِّه له مثلًا مباشرة بعد رؤيا، فقد يفيد ذلك في تفسير الرؤيا بشيء له علاقة بأمِّه أو باستدعاء له من جهة معيَّنة. وقد يستيقظ بعد الرؤيا على طرق قوي على باب البيت، فقد يفيد ذلك في تفسير الرؤيا على أنـَّها تتعلَّق بحدث قويٍّ في حياته أو شيء مزعج مثلًا. وقد يستيقظ بعد الرؤيا على ألم مؤقَّت في منطقة من جسده، فيدلُّ ذلك على أن الرؤيا تتعلَّق بشيء مؤلم له. وقد يستيقظ بعد الرؤيا على صوت جهاز إنذار سرقة السيارات المنبعث من إحدى السيارات في الشارع، فيدلُّ ذلك على أنَّ في الرؤيا تحذير من شيء معيَّن. وقد يستيقظ بعد الرؤيا على صوت طفل ينادي أباه، فيفيد ذلك في تفسير الرؤيا أنـَّها بشرى بالإنجاب.
حكاية مفيدة: يُحكى أنَّ رجلًا مُسلِمًا صالحًا دعا الله (عزَّ وجلَّ) بالزوجة الصالحة. فنام فرأى رؤيا وكأنـَّها طويلة، ولا يتذكَّر منها إلَّا امرأة فقط فيها، ثم استيقظ على هاتف من والدته تطلب منه خدمة معيَّنة يؤديها لها. فسأل الرائي المفسِّر عن هذه الرؤيا. فقال المفسِّر: هذه بشرى بامرأة ينالك منها خيرًا كثيرًا (رؤيا طويلة)، وستكون هذه المرأة في احتياج إليك أو ستطلب منك خدمة.
والله (تعالى) أعلم.

اشترك الآن في خدمة تعبير الرؤيا على الأصول الشرعية الإسلامية و الدورة الدراسية المتميزة في علم التعبير وفق منهج شرعي أو يمكنك دعم موقعنا أيضا