لماذا يرى المسلم عادة رؤى كثيرة ومتكرِّرة قد تصل إلى مئات الرؤى على سنوات طويلة تدور كلُّها غالبًا حول موضوع واحد أو موضوعات متقاربة، ولا يرى مثلًا رؤيا واحدة فقط وتكون كافية له؟
ومن أمثلة ذلك: أن ترى فتاة مُسلِمة ترغب في الزواج مئات الرؤى تبشِّرها بالزواج على مدار خمس سنوات، ثم تتحقَّق البشرى بفضل الله (تعالى)، فلماذا تأتي الرؤى عادة بهذا التكرار في المعنى، وعلى فترات زمنيَّة طويلة في كثير من الأحيان، ألم يكن من الممكن أن ترى هذه الفتاة مثلًا رؤيا واحدة فقط فيها البشرى الكافية، ثم تتحقَّق بعد خمس سنوات؟
إنَّ تكرار الرؤى بهذا الشكل والكثرة والفترة قد يرجع إلى عدَّة أمور، ومنها:
1. طبيعة الرؤى أنَّها تفسُّر بالظنِّ والاحتمال، ولا يصل تفسيرها إلى اليقين، وبالتالي يحتاج المسلم دائمًا إلى المزيد منها ليتقوَّى هذا الاحتمال، ويتجدَّد المعنى والأمل باستمرار.
2. قوَّة تأثير أحداث الواقع بما فيه من آلام وإحباطات بما قد يمحو التأثير الجيِّد للرؤيا بعد فترة قصيرة، وبالتالي يحتاج المسلم للمزيد منها ليتقوَّى على هذه المشاكل التي يواجهها.
3. سرعة نسيان الرؤيا وتفسيرها في أغلب الأحوال، وبالتالي يحتاج المسلم للمزيد منها باستمرار لاسيَّما في حالات البلاء والهموم والضغوط الشديدة.
4. الخوف أو القلق من المستقبل، والرغبة المستمرَّة في الاطمئنان عليه.
ولهذه الأسباب وغيرها نجد المسلمون يقبلون على تفسير الرؤى لا يشبعون، وكلمَّا فَسَّرت لأحدهم رؤيا سألك عن غيرها، فإن فسَّرتها له، سألك عن غيرها، وهكذا ولو فَسَّرت له مائة رؤيا، فلن يشبع من تفسير الرؤى، وإن دلَّت كلُّها على البشرى نفسها. وهذا أمر طبيعيٌّ نتيجة للأسباب التي ذكرناها، ولكن على المسلم أن يجمل في الطلب، وألَّا يثقل على المفسِّر بالإلحاح وكثرة السؤال.
والله (تعالى) أعلم.
جمال حسين – باحث ومحاضر ومدرب في علم تفسير الرؤى
موقع تعبير الرؤيا في الإسلام 
قام بإعادة تدوين هذه على مدونة تفسير الأحلام.
إعجابإعجاب